السبت، 21 أغسطس 2010

الحقيقة

الرغبة في المعرفة هي في الواقع رغبة في الحقيقة.. في ادراك حقيقة الأشياء و حقيقة الانسان والوجود عامة.."غريزة الحقيقة" تتجلى أكثر في ذلك الحافز الذي لا يهدأ و الذي يدفع الانسان باستمرار للتساؤل .. تتجلى كذلك في ذلك الشعور بالاحباط و بالتذمر الذي يسيطر على كل شخص يكتشف متاخرا ان ما كان يعتقده حقيقة ما هو في الأصل الا وهم أو خدعة..
نسمع دائما أصواتا تطالب بالحقيقة.. في المحاكم في الصراعات السياسية و في مختلف المنازعات.. كما يعتبر كشف سر من الأسرار عادة بمثابة انجاز.. بغض النظر عن طبيعة تداعياته.
هناك اذن هدف واضح اسمه الحقيقة. غاية ينشدها المفكرون العلماء و الفلاسفة و المحققون ايضا... ما سر هذا الجري وراءها اذن؟
هل سيكون الانسان أكثر سعادة و هدوءا اذا تمكن من كشف كل الحقائق أم سيزداد تعاسة؟ و هل نستطيع فعلا ان نصل الى الحقيقة بمفهومها المطلق و العام و الشامل؟ و هل الحقيقة واحدةأم متعددة؟ هل هي نفسها بالنسبة للجميع؟أم أن ما يبدو لي حقيقيا قد يبدو للاخر مجرد وهم و ضلال؟ ألا تتضارب اراء الناس و تتنوع لدرجة الحيرة؟ ألا يقتتل الناس بسبب اعتقاد كل طرف انه هو الذي يملك "الحقيقة"؟ ألا يمكن القول أن ما يعتبر حقيقيا هنا.. الان.. بالنسبة لهؤلاء.. قد يكون هو الخطأ عينه هناك.. في زمن اخر.. بالنسبة للاخرين؟ أم أن الحقيقة قيمة مثالية متعالية عن تقلبات الزمان والمكان والأشخاص؟ هي نفسها سامية ثابتة حقيقية في ذاتها.
يحتاج الأمر اذن الى تدقيق.. الى عمل هادئ.. للتمييز بين ما هو حقيقي فعلا و ما هو مجرد رأي
و انطباع أو وجهة نظر.. قد تبدو لصاحبها حقيقية في حين هي ليست كذلك. و هذا يفرض أن نتأكد من وجود معايير صارمة و دقيقة للحقيقة حتى نتفادى أي خلط. و أخيرا لابد من التأكد من مدى جدوى هذا المفهوم و مدى قيمته و مدى أهميته في الحياة. و الا فلا داعي لكل هذا السعي المجنون نحوها..
الحقيقة و الرأي
كم هو صادم فعلا أن نكتشف أن ما كنا نعتقده حقيقيا لا غبار عليه.. ما هو الا وهم أو اعتقاد خاطئ. لذا وجب الحذر و عدم التسرع في اصدار الأحكام اليقينية الجاهزة حول موضوع لا نملك ما يكفي من قوة اقناعية للتصديق به. هذا ما يمكن استخلاصه من تجارب فلسفية جد مميزة. فأسطورة أفلاطون الشهيرة- حول سجناء الكهف الذين امضو عمرهم وسط ظلال الأشياء معتقدين أنها حقائق- تعتبر خير مثال يوضح هذا الأمر .. لأن الشخص حين يولد في وضع و يعتاد عليه يتحول لديه الى يقين ..و يصبح من الصعب جدا اقناعه بالعكس. و حده من يغامر و يقرر "الخروج" من وضعه الأولي بحثا عن افاق أخرى يمكنه أن يقارن.. و بالتالي يمكنه أن يراجع أحكامه الأولى.. سجناء الكهف اعتادوا على رؤية الظلال .. و صارت تبدو لهم حقيقة . و أي محاولة لاخراجهم من ظلام الكهف الى نور الواقع ستصطدم بمقاومة شديدة.. لأنها تكون مؤلمة لهم. هم مرتاحون في جهلهم الأولي.. و ليسوا مستعدين لأي مجهود عضلي أو فكري لمراجعته. انهم مرتاحون حيث هم. فالأفكار الخاطئة تصمد لأنها تبدو مريحة لأصحابها أفضل من أي عناء قد يسببه البحث عن المعرفة الحقيقية. و حين يقرر شخص –تمكن بعد جهد و عمل مضني من ادراك الحقيقة- أن يرغمهم على التخلي عن وهمهم نحو ما هو حقيقي.. سيعاني الأمرين و ربما يدفع حياته ثمنا لذلك. ما الحل اذن؟
الجواب سيأتي من طرف ديكارت على شكل تجربة فلسفية أخرة جد مميزة . فالخروج من الكهف لا يتم بالاكراه كما حاول أفلاطون أن يوضح.. و انما هو تجربة فردية ذاتية خاصة. كل شخص مطالب أن يقف لحظة و لو مرة واحدة في حياته ليتساءل: هل ما أعرفه صحيح؟ من أين لي به؟ من الذي يؤكد لي انني أعرف الحقيقة؟؟
يخبرنا ديكارت أننا منذ ولادتنا نبدأ في تلقي الأفكار و الخبرات على أنها حقائق .. لقد امتلأت رؤوسنا بشتى أنواع المعارف.. هل كلها صحيحة؟ من الصعب الجزم بالايجاب. ما العمل؟ هل يمكن أن نفحصها كلها واحدة واحدة؟ انه عمل قد نمضي كل حياتنا دون أن ننتهي منه.
الخطوة المنهجية الجريئة والشجاعة التي يقترحها ديكارت هي افراغ كل شيء –عملية مسح الطاولة- و اعادة الملء من جديد.. بعد وضع غربال دقيق . لنشك اذن منهجيا في كل شيء ولنعد ترتيب أفكارنا. لكن هذه المرة على أسس صلبة و يقينية. بهذه الطريقة يمكن حسب ديكارت أن نعزل الحقيقة عن الرأي.
لأن الرأي على حد تعبير باشلارBachelard تفكير سيء أو هو بالأحرى لا يفكر. انه اعتقاد أو تصديق بوقائع أو بأفكار دون اية قوة اقناعية.. دون دعامة حجاجية. انه لا يرقى الى مستوى الفكر و هو بالتالي العدو الأول للعلم لأنه ينتج عادة عن حاجات معينة لدى عامة الناس.. و يترجم رغباتهم و أهوائهم الى معارف وهمية تحقق لهم نوعا من الارتياح.. بينما العلم يتميز بالموضوعية و الدقة و المنهجية و الصرامة المنطقية.. و هي أمور لا تتحقق الا بعد التخلص من الأفكار الشائعة و بعد هدمها. لكن كيف؟ فالأمور أحيانا تبدو متداخلة. كيف نضع الحدود الفاصلة بين الحقيقة و الرأي ؟
سيساعدنا kant على ذلك فهو يضع تمييزا دقيقا بين ثلات أنواع من الاعتقادات:
الرأي- الايمان- المعرفة و بالتالي يجب الوعي بها جيدا لتفادي أي خلط.
فالرأي هو كل اعتقاد لا يتوفر صاحبه على الاكتفاء الذاتي و الاكتفاء الموضوعي. أي لا يستطيع أن يؤكده لا لنفسه و لا للاخرين.. لأنه يفتقر للقوة الاقناعية و للبراهين التي يمكن أن تجعله مقبولا بشكل عام من طرف الجميع . انه يبقى مجرد احتمال.. حتى صاحبه يمكن ان يعيد فيه النظر لاحقا . و هذا حال الاراء الشائعة و المعرفة العامية.
أما الايمان فهو كل اعتقاد يكون لصاحبه اكتفاء ذاتي به.. أي متيقن منه بشكل مطلق..لكنه لا يتوفر على اكتفاء موضوعي.. أي لا يستطيع أن يحوله الى حقيقة موضوعية يصدق بها الجميع. اذ يوجد أشخاص لا يشاطرونه نفس الاعتقاد لانهم لهم ايمانهم الخاص.. و الذي يبدو لهم هم أيضا يقينيا دون أن يستطيعوا اقناع الاخرين به. وهذا حال المذاهب و المعتقدات الدينية مثلا.
وأخيرا هناك المعرفة و هي الاعتقاد الذي يتحقق فيه الاكتفاء الذاتي و الاكتفاء الموضوعي معا. أي هو يقيني ليس فقط لصاحبه .. بل يقيني لكل الناس. لأنه يقبله العقل و المنطق.. و لا أحد يجد ترددا في التصديق به. حتى و لو كان من ثقافة أخرى لها ايمانها و معتقداتها المختلفة .و هذا حال الحقائق العلمية و المعارف الرياضية مثلا.
للتمييز اذن بين الرأي و الحقيقة هناك مسألة الاكتفاء , فالاكتفاء الذاتي يسمى اعتقادا – بالنسبة لي- أما الاكتفاء الموضوعي فيسمى يقينا – بالنسبة للجميع - .
لكن كون الرأي لا يعتبر معرفة, هذا لا يعني دائما أنه مرفوض , فهناك من الفلاسفة من يكشف وجهه الايجابي أحيانا. ليبنز Leibnez يرى مثلا أن الرأي قد يستحق اسم معرفة رغم طابعه الاحتمالي , لأنه يبقى مع ذلك له دور ثوري في مجال تاريخ الأفكار , و في مسيرة تطور العقل البشري . فكثير من المعارف الحقيقية الحالية بدأت مجرد احتمالات , و كانت تعد في البداية مجرد اراء تفتقر لليقين. لكن مع مرور الزمن تم تدعيمها بالحج اللازمة لتتحول الى حقائق . فقد كان كوبرنيك و كاليلي ... و اخرون يبدون وحيدين ومعزولين في ارائهم, لكن ثبت بعد ذلك أن هذه الاراء هي ما سيحمل صفة الحقيقة.
الاراء ايضا يمكن أن تكون طريقا نحو الحقيقة , هذا ما يدافع عنه باسكال Pascal اذ يرفض اعطاء السلطة المطلقة للعقل. لأن المعرفة يمكن أن تتحقق الى جانب العقل بوسائل أخرى : بالقلب مثلا ..بالعواطف.. و بالاراء الخاصة. بل حتى العقل اذا أراد أن يعرف فانه يستند الى مبادئ يتم حدسها أو ادراكها بالقلب. و المقصود بالقلب هنا ذلك الادراك المباشر لبعض الحقائق دون الاستعانة بأي استدلال عقلي أو منطقي . فكما للعقل براهينه وحججه .. للقلب أيضا مبرراته التي لا يعرفها العقل أو بعبارة Pascal الجميلة:
"Le cœur a ses raisons que la raison ne connaît pas"



معايير الحقيقة

نحتاج اذن –على ما يبدو-الى طريق واضح يقودنا للحقيقة..نحتاج الى منهج يمكن –اذا ما اتبعناه جيدا-أن نتفادى السقوط في الخطأ. وهذا ما سيجهد الفلاسفة عقولهم من أجل تحقيقه بدقة ..الى درجة أن ديكارت Descartes مثلا سيخصص كتابه الرئيسي : "Discours de la méthode " لوضع المعايير الضامنة لقيادة العقل بشكل سليم نحو الحقيقة. ويحددها أساسا في مفهومين مركزيين: الحدس و الاستنباط . و يقصد بالحدس ذلك التصور الصادر عن ذهن يقظ خالص , و الذي يتميز بالوضوح و البساطة و التمييز , بحيث لا يبقى معه أي شك فيما يدركه . أما الاستنباط فيقصد به عملية الاستنتاج التي يقوم بها العقل بالضرورة من مبادئ معينة وفق منطق صارم و استدلال رياضي دقيق. يركز ديكارت اذن على مفاهيم الوضوح و البداهة و التميز و الاستنباط ... بمعنى ان معيار الحقيقة لديه هو العقل . و كل ما يبدو للعقل بديهيا فهو حقيقي, أي كل الامور التي لا يجد العقل أي تردد أو شك في التصديق بها نظرا لوضوحها و خلوها من أي تشويش, و نظرا لتميزها عن كل المواضيع التي يمكن أن تختلط بها, فانها اذن حقيقية.
وهو المعيار الذي يدافع عنه سبينوزا Spinoza أكثر حين يؤكد أن الحقيقة لا تحتاج الى أي معيار خارجي عنها مادامت هي معيار ذاتها. فمن يمتلك فكرة صحيحة لا يحتاج الى من يعلمه بذلك. أو من يؤكده له. لأن الفكرة الصحيحة تخبر عن نفسها و تؤكد ذاتها مادامت تبدو بديهية جدا لصاحبها, و البديهي يفرض نفسه على العقل, و لا يمكن حجبه بأي شكل من الأشكال. انه يفرض نفسه بوضوح تام .
غير أن ليبنز leibnez لا يبدو له هذا المعيار كافيا. فأن تبدو لك فكرة ما واضحة ومتيميزة, لا يعني بالضرورة أنها يقينية ما لم تتم البرهنة عليها بشكل سليم, تحتاج الفكرة اذن حسب ليبنز الى ما يدعمها , كالحجج و الاستدلالات المنطقية, كي تصير حقيقية. فالمعيار ليس هو الوضوح والبداهة وانما هو البرهان. لأنه لا يكفي أن تبدو لك واضحة و متميزة , بل يجب أن تجعلها تبدو كذلك للاخرين أيضا , و هذا يتطلب منك تقديم كل ما لديك من حجج و براهين حتى تتأكد من أنك لست واهما.
من منظور اخر.. يرى هيوم D-Hume – و التجريبيون عموما – أن هذه المعايير السابقة تصدق فقط في القضايا العقلية و الحقائق الرياضية التي لا يحتاج للتأكد من صحتها الى أي مرجع اخر , بل يتم ذلك بعملية فكرية عقلية خالصة . لكن ليست كل القضايا كذلك. اذ هناك مثلا الوقائع التجريبية, و هي موضوعات يجد العقل نفسه مطالبا بدراستها أيضا. و هي بحكم طبيعتها المختلفة عن القضايا الرياضية تفرض اعتماد معايير أخرى كالاحساس و التجربة.


الحقيقة كقيمة

كل هذا الاصرار الفلسفي على بلوغ الحقيقة ما كان ليكون لو لم تكن لها قيمة , فقد نظر اليها دائما كقيمة القيم نظرا لأهميتها المعرفية و الأخلاقية. فالوصول الى الحقيقة شكل دائما لدى الفلاسفة التقليديين الغاية القصوى لكل معرفة. و بالتالي يكون مدرك الحقيقة عارفا, مع ما يمنحه له ذلك من وضع اعتباري مميز, و من سمو على كل الجهلة و الغارقين في الوهم و الخطأ.

قيمة الحقيقة أيضا استمدتها من بعدها الأخلاقي نظرا لارتباطها بقيم الحق و الخير و العدالة والصدق. وهو ما جعل الفيلسوف كانط kant يعتبرها واجبا أخلاقيا, و يطالب بقولها في كل ظرف مهما سبب ذلك من ضرر, مادام الضرر الأكبر هو أن يتم ضرب مبدأ الحقيقة بدافع مصالح شخصية أو مراعاة لاستثناءات ذاتنية ظرفية.
موقف كانط هذا سيتعرض لانتقادات عنيفة ترى فيه نوعا من المثالية التي تتنافى مع الواقع والذي يفرض – بنظر كونسطان B-Constant مثلا – اللجوء أحيانا لاخفاء الحقيقة حفاظا على أرواح الناس و مصالحهم, و حفاظا بالأساس على قيام المجتمع الذي ما كان ليستمر لولا كل أشكال الكذب و الاخفاء التي يقوم عليها.
و اذا كان كانط يريد عزل الحقيقة عن ما هو ظرفي ليضعها في خانة المثل, فان هناك من يعتبرها مفهوما خاضعا للواقع بكل اكراهاته و تقلباته, و لعل " الفلسفة البراغماتية" هي أهم من دعى الى ذلك . اذ يؤكد ويليام جيمس W- James أن قيمة الحقيقة لا تكمن في ذاتها , و انما تقاس بمدى قدرتها على التأثير في الواقع.. ومدى الفائدة التي يمكن أن تترتب عنها. و يتفق البراغماتيون عموما على أن الأفكار الحقيقية هي تلك التي نستطيع استيعابها و الانخراط فيها والتحقق منها اجرائيا. انها تكتسب قيمتها من العمل الذي تنجزه مادامت ترتبط بالنشاط الانساني. انها بكل بساطة تلك التي يمكن أن تمنح الارتياح لنجاعتها و لما تحققه من منفعة.

و يبقى أعنف نقد وجه للحقيقة من حيث هي قيمة هو الذي صدر عن الفيلسوف الألماني الاستثنائي نيتشه Nietzsche والذي فضل – بدل توضيح قيمة الحقية – أن يحفر عن جذورها وأن يعود الى مصادرها الأولى ليكشف عن أصلها و عن تشكلها الجينيالوجي متسائلا : من أين يمكن أن تأتي غريزة الحقيقة؟ ليجيب : ان الحقيقة ما هي في الأصل الا مجموعة من الأوهام التي ثبت نفعها للانسان, و بالتالي ستأخذ قيمتها من خلال ترسخها في اذهان الناس بفضل تحقيقها للشروط الضرورية لحفظ بقائه. فالانسان حسب نيتشه يعمل باستمرار لحفظ حياته و هو ما يدفعه الى استخدام العقل و الجوء الاضطراري للسلم و اقرار ما يجب أن يكون " حقيقة " لضمان ذلك, بينما الحقيقة الوحيدة التي لا يلتفت اليها عادة هي غريزة ارادة القوة التي تشكل صلب و جوهر الوجود الانساني, مع ما يرتبط به من غرائز أخرى كحب البقاء و حب السيطرة...
و بالتالي فالانسان لا يسعى نحو الحقيقة و لا يرغب فيها لذاتها.. وانما يطمع فقط فيما قد يترتب عنها من نتاج ايجابية و ممتعة. وهو مستعد لمعاداة كل الحقائق التي يمكن أن تكون مؤذية وهدامة, في مقابل الدفاع المستميت عن كل الأكاذيب التي ثبت له نفعها. و تبعا لذلك تكون كل الحقائق السائدة الان حسب نيتشه هي فقط مجموعة من الاستعارات و التشبيهات و العلاقات البشرية التي تم اضفاء هالة من القداسة عليها , و مسحة من الجمال بحيث صارت تبدو – من كثرة استعمالها و تداولها- "حقائق راسخة". في حين هي في الأصل مجرد أوهام نسينا أنها كذلك. الدليل على ذلك أن الشخص يوصف عادة بأنه صادق, فقط اذا استعمل نفس الاستعارات المقبولة و المتداولة , و احترم المعايير المعمول بها , و انضبط للقيم السائدة , اذ لولا هذا الخضوع لما كان هناك لا مجتمع و لا حضارة. لأن كل ما يبدو الان طيبا و خيرا و جميلا ... ما هو في الأصل الا وهم . و سيكون صادما أن يكتشف الناس أن أساس الحقيقة هو الخطأ.

نفهم من نيتشه أن الفكرة تكون في البداية مجرد احتمال أو امكانية من بين امكانيات أخرى. لكن فعاليتها و نجاعتها في ظرف ما, و ما ترتب عليه من تبني و توارث للفكرة جيلا بعد جيل, أضفى عليها نوعا من القداسة بحيث صارت تبدو حقيقية, متناسين أصلها الأول. وباختصار يمكن ايجاز موقف نيتشه في قوله:
" ان الحقيقة وهم في خدمة الحياة".
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق