فلسفة الصدمة العالمية التي أحدثها نشر وثائق سرية على موقع "ويكيليكس" الإلكتروني
(الإباحية الجنسية بين الصادية الأمريكية والمازوشية العربية)
لا يكفيهم ذبحنا بل ينشرون الوان ذبحنا في وسائل الاعلام الجماهيري التي اصبحت تدخل كل البيوت ، لا يكفيهم مضاجعتنا بل ينشرون الوان مضاجعتنا ليعرفها من هب ودب ، فوق الارض وتحت الشمس ، " عورة " امريكا تشهر في وجه " الانسانية " قاطبة ولا تستطيع كل قوى الارض على الاقل( اضعف " الايمان" ) سترها ، لا يستطيعون دعوة امريكا لذبحنا في السر ومضاجعتنا في السر لانهم في هذه الحالة سيكونون ارهابيين يدعونها الى السر والكتمان وهو ما يحرمها من لذة النشر والتعري وكشف افخاذ جرائمها ونهود دمائها ومؤخرات نتنها بل انهم سيتناقضون مع ابجديات الديمقراطية التي تقوم على نشر الغسيل الوسخ وصور الموتى الابرياء الذين لا يعرفون حتى مكان امريكا على الكرة الارضية فما بالك باسلحة الدمار الشامل اى عالم الذرة او العالم الميكروسكوبي والحال ان وعيهم لم يستوعب بعد العالم الماكروسكوبي.
ان الآخر او الشبيه بامريكا رغم انه يعلن الخصوصية والاختلاف واللقاء والحوار الخلاق والتعاون بين الشعوب لم يعد يدعو الانا الامريكي الى الاخفاء بل يطلب منه التعذيب بل نشر التعذيب لانه لا يشعر بانيته وحقيقته الا بالذبح والقتل ، لا يتلذذ الا بتعذيبه ونشر الوان تعذيبه بين الناس ذلك ان في اشتغال الناس زيادة في كمية ونوعية اللذة ، انها قمة الاستلاب او الاغتراب يقول هربرت ماركيز في كتابه " الانسان ذو البعد الواحد " : " يصبح مفهوم الاستلاب اشكاليا عندما يتماهى الافراد مع وجودهم المفروض عليهم ، ويجدون فيه تحقيقا وتلبية . وهذا التماهي ليس وهما ، وانما هو واقع.ومع ذلك فان هذا الواقع لا يعدو هو نفسه ان يكون مرحلة اكثر تقدما من الاستلاب . لقد اصبح موضوعيا تماما ، وباتت الذات المستلبة مُستوعبة في وجودها المستلب."( ص 46-47 ترجمة جورج طرابيشي).
بناء على هذه الصورة التي تقوم على جدلية التلذذ بتعذيب الاخر من جهة وطلب هذا الآخر ( الفاقد لمقومات الآخر اذ هو مجرد موضوع مفعول به) للتعذيب كي يتلذذ بتعذيب نفسه يمكن الحديث عن ثورة اللاوعي الامريكي ضد العرب وثورة اللاوعي العربي ضد نفسه فأمريكا (الصادية) تتلذذ بتعذيب العرب( المازوشية)
في علم النفس نميز بين الصادية والمازوشية وهي اشكال من الامراض النفسية وتعبيرات عن شخصيات غير سوية او مرضية الاولى تتلذذ بتعذيب الاخرين والثانية تتلذذ بتعذيب ذاتها
معالم التلذذ الامريكي بتعذيب الاخرين:
- نشر صور صدام حسين مقيدا ومعذبا ومختبئا وهو الرمز العربي بامتياز للمقاومة نظريا وعمليا
- الاعلان ان اسلحة الدمار الشامل كذبة وان الحرب في العراق قامت على اساس هذه الكذبة والكل يعرف نتائج هذه الكذبة على ارض الواقع سحق العراقي ارضا وعقلا وتاريخا الخ...
- نشر صور التعذيب في ابو غريب والوان التعذيب النفسي والجسدي من قبل دولة أتت "لتحرير العراق"؟؟؟
- نشر صور جنود امريكان يمارسون الجنس مع نساء عراقيات والاعلام يتحدث عن استقبال للجنود بالزهور والحلوى
- نشر افلام جنسية لعراقيات مع جنود امريكان وكل العالم يعرف ان المراة العراقية اكثر نساء العرب تحررا وتعلما من قبل المارينز الامريكي
واخيرا وليس اخرا نشر وثائق عن تدمير البلاد والعباد ....من خلال نشر وثائق سرية على موقع "ويكيليكس" الإلكتروني.
وما خفي كان اعظم دون ذكر ما تقوم به اسرائيل الاخت الرضيعة لامريكا ( رضعا وتشبعا من العنصرية والتلذذ بممارستها ، رضعا وتشبعا من القتل والتلذذ بممارسته والجهر به امام الناس لاشباع هذه الرغبات المكبوتة)
=) كل هذه التناقضات ليست عفوية وانما عنصر من عناصر الاستراتيجية الامريكية التي تختص بشن حروب على البسيكولوجيا العربية أي محاولة تحطيم اللاوعي العربي الذي ينبني اساس على مناهضة امريكا الى لاوعي ينبني اساسا على عشق مرضي وهو الطلب الهستيري للامريكي، تحطيم المضامين الكلاسيكية للاشعور واستبدالها بمضامين حديثة تدور حول جلد الذات المتواصل وعشق الضحية لجلادها والاخطر من ذلك ان هذا المسار النفسي اللاشعوري الشاذ الخاضع الى مبدا الحتمية يمكن ان تتغير فيه الاسماء دون ان تتغير المضامين أي ان الرغبة في جلد الذات تصمد وتبقى رغم تغير قوى الواقع مثلا من سيادة امريكا الى سيادة أي دولة اخرى في العالم.
في مقابل ذلك ان اشكال التلذذ بتعذيب الذات من قبل هذا الاخر العربي الفاقد لمقومات الاخر لا تحصى ولا تعد وفي كل المجالات فاغلب ما يقوم به" الانسان " العربي اليوم تعبير عن اشكال من الهروب للنسيان والتلذذ بما يدمره ويفقده انسانيته لان الاشكالية اصبحت تكمن في طلب ما هو سلبي والانسجام كل الانسجام مع المستبعد والمرفوض والهامشي فليس" الانسان" العربي غبيا او احمقا ليعتقد ان امريكا قدمت لتحريره انه يعرف اشد المعرفة انها اتت لاستعماره وليس غبيا او احمقا ليصدق ان صدام حسين كان ديكتاتورا انه يعرف اشد المعرفة صدقية هذا الرمز العربي والاسلامي والانساني ( مثله مثل كل احرار العالم ) لكنه يجد متعة وراحة واطمئنانا في الهروب بفعل تراكمات نفسية تاريخية.... وان نشر هذه الوثائق عن العراق ما هي الا مساهمة في مراكمة هذا التراث النفسي الذي يقهر العربي ويزيد في التباس وتعقيد فعل التحرر وليست هذه الوثائق بداية نهاية المجازر او بداية نهاية الكشف عنها وانما تتنزل في اطار استراتيجيا امريكية تسمى استراتيجيا الصدمة والترويع من اجل تعقيد وتهميش كل امكانيات التحرر وتمزيق بسيكولوجيا الانسان العربي الممزقة اصلا فالتجزئة والتفتيت والتشظي لا تمس الارض فقط والعقائد فقط انما تمس النفسية ايضا. يراهنون على خلق لاوعي مجزا أي تشتيت الطاقات الجنسية العربية المكبوتة حتى لا تنفجر على الامريكي وانما تنفجر على ذاتها.
يقول ثيودور ادورنو في مؤلفه ( نماذج نقدية: " الاراء،الاوهام،المجتمع") ان البشر لا يشعرون بانتمائهم لبرج الثور او العذراء لكونهم اغبياء الى حد يجعلهم يطيعون اوامر صحف تسلم ضمنيا بانه من الطبيعي جدا ان يكون لذلك دلالة ما ، بل لان هذه القوالب الجوفاء والتوجيهات الحمقاء التي توضع من اجل فن عيش يكتفي بإرشادهم الى ما ينبغي فعله فتيسر عليهم لا محالة ولو ظاهريا الاختيارات التي يجب القيام بها وتخفف ولو وقتيا شعورهم بالغربة عن الحياة او بالأحرى غربتهم عن حياتهم ذاتها ."
وختاما ، ان هذه" الظاهرة" ( لانها تكررت اكثر من مرة وهذا دليل على كونها ليست حالة شاذة وعلى كونها قصدية) تستوجب الى جانب هذه المقاربات الصحفية لها مقاربات اخرى تستند على مرجعيات علمية بسيكولوجية وسسيولوجية وفلسفية وثيولوجية الخ ... لننتقل من المواقف الوثوقية و الريبية منها الى مواقف نقدية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق