الأحد، 6 فبراير 2011

هيروغليفيا ثورة الشباب التونسي

هيروغليفيا ثورة الشباب التونسي

يقول الفيلسوف التونسي يوسف الصديق " هل قرانا هيروغليفياء الشباب التونسي؟ انطلاقا من هذا السؤال المفجر لافاق المعرفة لنممذج افتراضيا تونس المستقبل او تونس مابعد ابائنا المسنين/ العجائز لان كل القراءات السابقة للثورة التونسية اتضح تهافتها . ان سمة نمذجة المستقبل عبر وحي من الثورة من المحتمل ان تكون نسقية/ احتمالية /بنائية لان النمذجة التحليلية الاختزالية التبسيطية صالحة في براديغم ما قبل الثورة اما براديغم الثورة وما بعدها فنمذجته تكوينية / تركيبية / انشائية . يقول بشلار لاشئ معطى الكل منشأ . هذا القول يصدق على ما انجزه الشباب من تحولات على جميع الاصعدة اذ لم تكن هناك معطيات حسية او معطيات موضوعية وانما كل المعطيات انشائية او منظومات اكسيومية/ منظومات فرضية استنتاجية لا سبيل الى فهمها الا اذا سلمنا بفرضياتها واستنتاجاتها او ما وصلت اليه من حقائق . ان حقائق الشباب تقوم على الصلاحية فهي ليست حقائق مطلقة وانما نسبية من جهة ارتباطها بنسقها.
ان هذا التحول الابستمولوجي او نقطة اللاعودة هي النقطة الارخميديسية التي يجب ان يبنى عليها المشروع الحضاري لتونس . ان المشاريع السياسية في تونس اليوم يمكن ان ترفع شعار الشباب بل يمكن ان تعتمد عناصر شبابية في ممارستها الميدانية دون ان تتاسس على هذه النقطة الارخميديسية التي لا سبيل اليها عبر الحواس او العقل وانما سبيل بلوغها يستوجب ضربا من الحدس. من المحتمل ان تنهال بعض الاحزاب القائمة ان لم تكن كلها على الشباب الثائر بمقولاتها الجاهزة التي تنتمي الى براديغم ما قبل الثورة فتنتهي الى الفشل الذريع لانها اقوال وخطابات لا علاقة لها بما يدور في وجدان الشباب وعقله مثلها مثل خطابات بن علي وان وظفت الشيوعية او الديمقراطية او الاسلام او أي مفهوم من هذه المفاهيم الرنانة في اذهاننا والمضحكة في اذهان الشباب لان شباب اليوم حسب رأيي لا يفرق بين هذه المفاهيم التي تبدو متناقضة في الأذهان الكلاسيكية لكنها متعايشة في اذهان الشباب . ان عقل الشباب اليوم عقل تركيبي يتعايش فيه المعقول واللامعقول لذلك فشلت كل الميليشيات في مشاريعها التي حاولت اللعب على الجهويات والمال والبوليس والكرطوش الحي الخ... من اساليب التضليل لإجهاض هذه الثورة الشبابية .
ان ثورة الشباب التونسي كان وسيكون لها شفراتها او كلمات سرها التي يجب ان نكون قادرين على قراءتها من اجل خلق نوع من التواصلية والانفتاح والافق الحواري مع احرار العالم الجديد ، احرار تونس الجدد . ان هذه الثورة لها لغتها وفنها وعلمها وتكنولوجيتها وسياستها واخلاقها وشرقها وغربها وامريكيتها وفرنسيتها ..في كلمة لها عالمها ...لها تونسها .
بناء على ذلك ، من المشروع ان نفكر وننمذج واقعا افتراضيا لتونس المستقبل على جميع الاصعدة فعلى الصعيد السياسي مثلا يمكن ان نفكر في انشاء احزاب سياسية جديدة تعبر عن مشاريع هذا الشباب الثائر وسمة الشبابية في هذه الاحزاب لا يجب ان تقتصر على الاسم ( كان نقول مثلا حزب الشباب التونسي او حزب الشباب الحر او حزب الشباب الدستوري التونسي او حزب الشباب الوطني الخ ..من هذه التسميات) وانما الشبابية يجب ان تتجسد في مشروع وجودي بالمعنى السارتري.
ان الشباب قال كلمته ودفع ثمنها حياته فهل فهمنا ؟ هل استوعبنا الدرس؟ ام سنظل نردد مثل الأصم الأكبر بن علي "فهمتكم أي نعم فهمتكم" الى ان تسقط عروشنا الواحد تلو الآخر؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق